قلت: وعلى هذا اختلفت أقوال العلماء في الشاهد، فقيل: الله تعالى؛ عن ابن عباس والحسن وسعيد - بن جبير؛ بيانه: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾، ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾. وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم؛ عن ابن عباس أيضا والحسين ابن علي؛ وقرأ ابن عباس ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾ وقرأ الحسين ﴿يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا﴾.
قلت: وأقرأ أنا ﴿ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾. وقيل: الأنبياء يشهدون على أممهم؛ لقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾. وقيل: آدم. وقيل: عيسى بن مريم؛ لقوله: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾. والمشهود: أمته. وعن ابن عباس أيضا ومحمد بن كعب: الشاهد الإنسان؛ دليله: ﴿كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾. مقاتل: أعضاؤه؛ بيانه: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. الحسين بن الفضل: الشاهد هذه الأمة، والمشهود سائر الأمم؛ بيانه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾. وقيل: الشاهد: الحفظة، والمشهود: بنو آدم. وقيل: الليالي والأيام. وقد بيناه.
قلت: وقد يشهد المال على صاحبه، والأرض بما عمل عليها؛ ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خضر حلو، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل - أو كما قال رسول الله ﷺ - وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة". وفي الترمذي عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية: ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾ قال: "أتدرون ما أخبارها" ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "فإن أخبارها أن تشهد على