وشيبة فإنهما فتحا ثلاثة مواضع؛ وهي قوله تعالى: ﴿وأنه تعالى جد ربنا﴾، ﴿وأنه كان يقول﴾، ﴿وأنه كان رجال﴾، قالا: لأنه من الوحي، وكسرا ما بقي؛ لأنه من كلام الجن. وأما قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾ فكلهم فتحوا إلا نافعا وشيبة وزر بن حبيش وأبا بكر والمفضل عن عاصم، فإنهم كسروا لا غير. ولا خلاف في فتح همزة " أنه استمع نفر من الجن "، "وأن لو استقاموا" "وأن المساجد لله"، "وأن قد أبلغوا". وكذلك لا خلاف في كسر ما بعد القول؛ نحو قوله تعالى: ﴿فقالوا إنا سمعنا﴾ و ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي﴾ و ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي﴾. و ﴿قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ﴾. وكذلك لا خلاف في كسر ما كان بعد فاء الجزاء؛ نحو قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ و ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ لأنه موضع ابتداء.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ الجد في اللغة: العظمة والجلال؛ ومنه قول أنس:"كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا؛ أي عظم وجل" فمعنى :﴿جَدُّ رَبِّنَا﴾ أي عظمته وجلاله؛ قال عكرمة ومجاهد وقتادة. وعن مجاهد أيضا: ذكره. وقال أنس بن مالك والحسن وعكرمة أيضا: غناه. ومنه قيل للحظ جد، ورجل مجدود أي محظوظ؛ وفي الحديث: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" قال أبو عبيدة والخليل: أي ذا الغنى، منك الغنى، إنما تنفعه الطاعة. وقال ابن عباس: قدرته. الضحاك: فعله. وقال القرظي والضحاك أيضا: آلاؤه ونعمه على خلقه. وقال أبو عبيدة والأخفش ملكه وسلطانه. وقال السدي: أمره. وقال سعيد بن جبير: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ أي تعالى ربنا. وقيل: إنهم عنوا بذلك الجد الذي هو أب الأب، ويكون هذا من قول الجن. وقال محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر الصادق والربيع: ليس لله تعالى جد، وإنما قالته الجن للجهالة، فلم يؤاخذوا به. وقال القشيري: ويجوز إطلاق لفظ الجد في حق الله تعالى؛ إذ لو لم يجز لما ذكر في القرآن، غير أنه لفظ موهم، فتجنبه أولى. وقراءة عكرمة "جد" بكسر الجيم: على ضد الهزل. وكذلك


الصفحة التالية
Icon