لأهل مكة أفضل ويدل من وجه على أن الطواف للغرباء أفضل، على ما يأتي. وفي البخاري: أنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناولها إياه في بناء البيت، وغرقت قدماه فيه. قال أنس: رأيت في المقام أثر أصابعه وعقبه وأخمص قدميه، غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم، حكاه القشيري. وقال السدي: المقام الحجر الذي وضعته زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم عليه السلام حين غسلت رأسه. وعن ابن عباس أيضا ومجاهد وعكرمة وعطاء: الحج كله. وعن عطاء: عرفة ومزدلفة والجمار، وقاله الشعبي. النخعي: الحرم كله مقام إبراهيم، وقاله مجاهد.
قلت: والصحيح في المقام القول الأول، حسب ما ثبت في الصحيح. وخرج أبو نعيم من حديث محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: نظر النبي ﷺ إلى رجل بين الركن والمقام، أو الباب والمقام وهو يدعو ويقل: اللهم اغفر لفلان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ما هذا" ؟ فقال: رجل استودعني أن أدعو له في هذا المقام، فقال: "ارجع فقد غفر لصاحبك". قال أبو نعيم: حدثناه أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم القاضي قال حدثنا محمد بن عاصم بن يحيى الكاتب قال حدثنا عبدالرحمن بن القاسم القطان الكوفي قال حدثنا الحارث بن عمران الجعفري ابن سوقه، فذكره. قال أبو نعيم: كذا رواه عبدالرحمن عن الحارث عن محمد عن جابر، وإنما يعرف من حديث الحارث عن محمد عن عكرمة عن ابن عباس. ومعنى "مصلى". مدعى يدعى فيه، قال مجاهد. وقيل: موضع صلاة يصلى عنده، قال قتادة. وقيل: قبلة يقف الإمام عندها، قال الحسن.
قوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا﴾ قيل: معناه أمرنا. وقيل: أوحينا. ﴿أَنْ طَهِّرَا﴾ "أن" في موضع نصب على تقدير حذف الخافض. وقال سيبويه: إنها بمعنى أي


الصفحة التالية
Icon