قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ المعنى: ويقولان "ربنا"، فحذف. وكذلك هي في قراءة أبي وعبدالله بن مسعود: ﴿وإذ يرفع وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا وإسماعيل ويقولان ربنا تقبل منا﴾
وتفسير إسماعيل: اسمع يا الله، لأن "إيل" بالسريانية هو الله، وقد تقدم. فقيل: إن إبراهيم لما دعا ربه قال: اسمع يا إيل، فلما أجابه ربه ورزقه الولد سماه بما دعاه. ذكره الماوردي.
قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ اسمان من أسماء الله تعالى قد أتينا عليهما في الكتاب "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى".
الآية: ١٢٨ ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ أي صيرنا، و"مسلمين" مفعول ثان، سألا التثبيت والدوام. والإسلام في هذا الموضع: الإيمان والأعمال جميعا، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الأِسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩] ففي هذا دليل لمن قال: إن الإيمان والإسلام شيء واحد، وعضدوا هذا بقوله تعالى في الآية الأخرى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]. وقرأ ابن عباس وعوف الأعرابي "مسلمين" على الجمع.
قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ أي ومن ذريتنا فاجعل، فيقال: إنه لم يدع نبي إلا لنفسه ولأمته إلا إبراهيم فإنه دعا مع دعائه لنفسه ولأمته ولهذه الأمة. و"من" في قوله: "ومن ذريتنا" للتبعيض، لأن الله تعالى قد كان أعلمه أن منهم ظالمين. وحكى الطبري: أنه أراد بقوله "ومن ذريتنا" العرب خاصة. قال السهيلي: وذريتهما


الصفحة التالية
Icon