وفيه: "فتقول تلك الأمم كيف يشهد علينا من لم يدركنا فيقول لهم الرب سبحانه كيف تشهدون على من لم تدركوا فيقولون ربنا بعثت إلينا رسولا وأنزلت إلينا عهدك وكتابك وقصصت علينا أنهم قد بلغوا فشهدنا بما عهدت إلينا فيقول الرب صدقوا فذلك قوله عز وجل ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً - والوسط العدل - لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾. قال ابن أنعم: فبلغني أنه يشهد يومئذ أمة محمد عليه السلام، إلا من كان في قلبه حنة على أخيه. وقالت طائفة: معنى الآية يشهد بعضكم على بعض بعد الموت، كما ثبت في صحيح مسلم عن أنس عن النبي ﷺ أنه قال حين مرت به جنازة فأثني عليها خير فقال: " وجبت وجبت وجبت". ثم مر عليه بأخرى فأثني عليها شر فقال: "وجبت وجبت وجبت". فقال عمر: فدى لك أبي وأمي، مر بجنازة فأثني عليها خير فقلت: "وجبت وجبت وجبت" ومر بجنازة فأثني عليها شر فقلت: "وجبت وجبت وجبت"؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض". أخرجه البخاري بمعناه. وفي بعض طرقه في غير الصحيحين وتلا: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾. وروى أبان وليث عن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: " أعطيت أمتي ثلاثا لم تعط إلا الأنبياء كان الله إذا بعث نبيا قال له ادعني استجب لك وقال لهذه الأمة ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وكان الله إذا بعث النبي قال له ما جعل عليك في الدين من حرج وقال لهذه الأمة ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ وكان الله إذا بعث النبي جعله شهيدا على قومه وجعل هذه الأمة شهداء على الناس". خرجه الترمذي الحكيم أبو عبدالله في "نوادر الأصول".
الثالثة: قال علماؤنا: أنبأنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه بما أنعم علينا من تفضيله لنا باسم العدالة وتولية خطير الشهادة على جميع خلقه، فجعلنا أولا مكانا وإن كنا آخرا زمانا، كما قال


الصفحة التالية
Icon