بالتوجه إلى القبلة وتصديقكم لنبيكم، وعلى هذا معظم المسلمين والأصوليين. وروى ابن وهب وابن القاسم وابن عبدالحكم وأشهب عن مالك ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ قال: صلاتكم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الرأفة أشد من الرحمة. وقال أبو عمرو بن العلاء: الرأفة أكثر من الرحمة، والمعنى متقارب. وقد أتينا على لغته وأشعاره ومعانيه في الكتاب "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" فلينظر هناك. وقرأ الكوفيون وأبو عمرو "لرؤف" على وزن فعل، وهي لغة بني أسد، ومنه قول الوليد بن عقبة:

وشر الطالبين فلا تكنه يقاتل عمه الرؤف الرحيم
وحكى الكسائي أن لغة بني أسد "لرأف"، على فعل. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع "لروف" مثقلا بغير همز، وكذلك سهل كل همزة في كتاب الله تعالى، ساكنة كانت أو متحركة.
الآية: ١٤٤ ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾
قال العلماء: هذه الآية مقدمة في النزول على قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٢]. ومعنى ﴿تَقَلُّبَ وَجْهِكَ﴾ : تحول وجهك إلى السماء، قاله الطبري. الزجاج: تقلب عينيك في النظر إلى السماء، والمعنى متقارب. وخص السماء بالذكر إذ هي مختصة بتعظيم ما أضيف إليها ويعود منها كالمطر والرحمة والوحي. ومعنى "ترضاها" تحبها. قال السدي: كان إذا صلى نحو بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر به، وكان يحب أن يصلي إلى قبل الكعبة فأنزل الله تعالى: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾. وروى أبو إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله ﷺ صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وقد كان رسول الله ﷺ يحب أن يوجه نحو الكعبة، فأنزل الله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ وقد تقدم هذا المعنى والقول فيه، والحمد لله.


الصفحة التالية
Icon