قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يريد اليهود والنصارى ﴿لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يعني تحويل القبلة من بيت المقدس. فإن قيل: كيف يعلمون ذلك وليس من دينهم ولا في كتابهم؟ قيل عنه جوابان: أحدهما: أنهم لما علموا من كتابهم أن محمدا ﷺ نبي علموا أنه لا يقول إلا الحق ولا يأمر إلا به. الثاني: أنهم علموا من دينهم جواز النسخ وإن جحده بعضهم، فصاروا عالمين بجواز القبلة.
قوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ تقدم معناه. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي "تعملون" بالتاء على مخاطبة أهل الكتاب أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى الوجهين فهو إعلام بأن الله تعالى لا يهمل أعمال العباد ولا يغفل عنها، وضمنه الوعيد. وقرأ الباقون بالياء من تحت.
الآية: ١٤٥ ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ لأنهم كفروا وقد تبين لهم الحق، وليس تنفعهم الآيات، أي العلامات. وجمع قبلة في التكسير: قبل. وفي التسليم: قبلات. ويجوز أن تبدل من الكسرة فتحة، فتقول قبلات. ويجوز أن تحذف الكسرة وتسكن الباء فتقول قبلات. وأجيبت "لئن" بجواب "لو" وهي ضدها في أن "لو" تطلب في جوابها المضي والوقوع، و"لئن" تطلب الاستقبال، فقال الفراء والأخفش: أجيبت بجواب "لو" لأن المعنى: ولو أتيت. وكذلك تجاب "لو" بجواب "لئن"، تقول: لو أحسنت أحسن إليك، ومثله قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَظَلُّوا﴾ [الروم: ٥١] أي ولو أرسلنا ريحا. وخالفهما سيبويه فقال: إن معنى "لئن" مخالف