قوله تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا﴾ يعني السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر. عن قتادة وعطاء والربيع. وقال قتادة أيضا والسدي: هم الشياطين المضلون تبرؤوا من الإنس. وقل: هو عام في كل متبوع. ﴿وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ يعني التابعين والمتبوعين، قيل: بتيقنهم له عند المعاينة في الدنيا. وقيل: عند العرض والمساءلة في الآخرة.
قلت: كلاهما حاصل، فهم يعاينون عند الموت ما يصيرون إليه من الهوان، وفي الآخرة يذوقون أليم العذاب والنكال.
قوله تعالى: ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ أي الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من رحم وغيره، عن مجاهد وغيره. الواحد سبب ووصلة. وأصل السبب الحبل يشد بالشيء فيجذبه، ثم جعل كل ما جر شيئا سببا وقال السدي وابن زيد: إن الأسباب أعمالهم. والسبب الناحية، ومنه قول زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه | ولو رام أسباب السماء بسلم |
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً﴾ "أن" في موضع رفع، أي لو ثبت أن لنا رجعة ﴿فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ﴾ جواب التمني. والكرة: الرجعة والعودة إلى حال قد كانت، أي قال الأتباع: لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحا ونتبرأ منهم ﴿كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا﴾ أي تبرأ كما، فالكاف في موضع نصب على النعت لمصدر محذوف. ويجوز أن يكون نصبا على الحال، تقديرها متبرئين، والتبرؤ الانفصال.
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ الكاف في موضع رفع، أي الأمر كذلك. أي كما أراهم اللّه العذاب كذلك يريهم اللّه أعمالهم. و ﴿يُرِيهِمُ اللَّهُ﴾ قيل: