بعد بناء عمر بيت المقدس في الإسلام لا يدخله نصراني إلا أوجع ضربا بعد أن كان متعبدهم. ومن جعلها في قريش قال: كذلك نودي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان". وقيل: هو خبر ومقصوده الأمر، أي جاهدوهم واستأصلوهم حتى لا يدخل أحد منهم المسجد الحرام إلا خائفا، كقوله: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب. ٥٣] فإنه نهي ورد بلفظ الخبر
السابعة- قوله تعالى: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ قيل القتل للحربي، والجزية للذمي، عن قتادة. السدي: الخزي لهم في الدنيا قيام المهدي، وفتح عمورية ورومية وقسطنطينية، وغير ذلك من مدنهم، على ما ذكرناه في كتاب التذكرة. ومن جعلها في قريش جعل الخزي عليهم في الفتح، والعذاب في الآخرة لمن مات منهم كافرا.
الآية: ١١٥ ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
فيه خمس مسائل:
الأولى- قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ "المشرق" موضع الشروق. "والمغرب" موضع الغروب، أي هما له ملك وما بينهما من الجهات والمخلوقات بالإيجاد والاختراع، كما تقدم. وخصهما بالذكر والإضافة إليه تشريفا، نحو بيت الله، وناقة الله، ولأن سبب الآية اقتضى ذلك، على ما يأتي.
الثانية- قوله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا﴾ شرط، ولذلك حذفت النون، و"أين" العاملة، و"ما" زائدة، والجواب "فثم وجه الله". وقرأ الحسن "تولوا" بفتح التاء واللام، والأصل تتولوا. و"ثم" في موضع نصب على الظرف، ومعناها البعد، إلا أنها مبنية على الفتح غير معربة لأنها مبهمة، تكون بمنزلة هناك للبعد، فإن أردت القرب قلت هنا.
الثالثة- اختلف العلماء في المعنى الذي نزلت فيه "فأينما تولوا" على خمسة أقوال: فقال عبدالله بن عامر بن ربيعة: نزلت فيمن صلى إلى غير القبلة في ليلة مظلمة، أخرجه


الصفحة التالية
Icon