وقيل: وجدك فقيرا من الحجج والبراهين، فأغناك بها. وقيل: أغناك بما فتح لك من الفتوح، وأفاءه عليك من أموال الكفار. القشيري وفي هذا نظر؛ لأن السورة مكية، وإنما فرض الجهاد بالمدينة.
وقراءة العامة ﴿عَائِلاً﴾ وقرأ ابن السميقع ﴿عيلا﴾ بالتشديد؛ مثل طبيب وهين.
٩- ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَر﴾ْ
١٠- ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾
١١- ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
فيه أربع مسائل:
الأولى- قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ أي لا تسلط عليه بالظلم، ادفع إليه حقه، واذكر يتمك؛ قال الأخفش. وقيل: هما لغتان: بمعنى. وعن مجاهد ﴿فَلا تَقْهَرْ﴾ فلا تحتقر. وقرأ النخعي والأشهب العقيلي ﴿تكهر﴾بالكاف، وكذا هو في مصحف ابن مسعود. فعلى هذا يحتمل أن يكون نهيا عن قهره، بظلمه وأخذ ماله. وخص اليتيم لأنه لا ناصر له غير اللّه تعالى؛ فغلظ في أمره، بتغليظ العقوبة على ظالمه. والعرب تعاقب بين الكاف والقاف. النحاس: وهذا غلط، إنما يقال كهره: إذا اشتد عليه وغلظ. وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي، حين تكلم في الصلاة برد السلام، قال: فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه - يعني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - فواللّه ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني... الحديث. وقيل: القهر الغلبة. والكهر: الزجر.
الثانية- ودلت الآية على اللطف باليتيم، وبره والإحسان إليه؛ حتى قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم. وروي عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قسوة قلبه؛ فقال: "إن أردت أن يلين، فامسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين". وفي الصحيح عن أبي هريرة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين".