وقال عبدالرحمن بن زيد: الشمس والقمر والنجوم يرجعن في السماء؛ تطلع من ناحية وتغيب في أخرى. وقيل: ذات الملائكة؛ لرجوعهم إليها بأعمال العباد. وهذا قسم. ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ قسم آخر؛ أي تتصدع عن النبات والشجر والثمار والأنهار؛ نظيره ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً﴾ الآية. والصدع: بمعنى الشق؛ لأنه يصدع الأرض، فتنصدع به. وكأنه قال: والأرض ذات النبات؛ لأن النبات صادع للأرض. وقال مجاهد: والأرض ذات الطرق التي تصدعها المشاة. وقيل: ذات الحرث، لأنه يصدعها. وقيل: ذات الأموات: لانصداعها عنهم للنشور. ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ على هذا وقع القسم. أي إن القرآن يفصل بين الحق والباطل. وقد تقدم في مقدمة الكتاب ما رواه الحارث عن علي رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "كتاب فيه خبر ما قبلكم وحكم ما بعدكم، هو الفصل، ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه اللّه، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه". وقيل: المراد بالقول الفصل: ما تقدم من الوعيد في هذه السورة، من قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾. ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ أي ليس القرآن بالباطل واللعب. والهزل: ضد الجد، وقد هزل يهزل. قال الكميت:
يُجَد بنا في كل يوم ونهزِل
﴿إِنَّهُمْ﴾ أي إن أعداء اللّه ﴿يَكِيدُونَ كَيْداً﴾ أي يمكرون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه مكرا. ﴿وَأَكِيدُ كَيْداً﴾ أي أجازيهم جزاء كيدهم. وقيل: هو ما أوقع اللّه بهم يوم بدر من القتل والأسر. وقيل: كيد اللّه: استدراجهم من حيث لا يعلمون. وقد مضى هذا المعنى في أول "البقرة"، عند قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾. مستوفى.