من أثق به يقول: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أري أعمار الأمم قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر؛ فأعطاه اللّه تعالى ليلة القدر، وجعلها خيرا من ألف شهر. وفي الترمذي. عن الحسن بن علي رضي اللّه عنهما: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أري بني أمية على منبره، فساءه ذلك؛ فنزلت ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، يعني نهرا في الجنة. ونزلت ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ يملكها بعدك بنو أمية. قال القاسم بن الفضل الحداني: فعددناها، فإذا هي ألف شهر، لا تزيد يوما، ولا تنقص يوما. قال: حديث غريب.
٤- ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾
قوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ﴾ أي تهبط من كل سماء، ومن سدرة المنتهى؛ ومسكن جبريل على وسطها. فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس، إلى وقت طلوع الفجر؛ فذلك قوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ﴾ ﴿وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أي جبريل عليه السلام. وحكى القشيري: أن الروح صنف من الملائكة، جعلوا حفظة على سائرهم، وأن الملائكة لا يرونهم، كما لا نرى نحن الملائكة. وقال مقاتل: هم أشرف الملائكة. وأقربهم من اللّه تعالى. وقيل: إنهم جند من جند اللّه عز وجل من غير الملائكة. رواه مجاهد عن ابن عباس مرفوعا؛ ذكره الماوردي وحكى القشيري: قيل هم صنف من خلق اللّه يأكلون الطعام، ولهم أيد وأرجل؛ وليسوا ملائكة. وقيل: ﴿وَالرُّوحُ﴾ خلق عظيم يقوم صفا، والملائكة كلهم صفا. وقيل: ﴿وَالرُّوحُ﴾ الرحمة ينزل بها جبريل عليه السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها؛ دليله: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ أي بالرحمة. ﴿فِيهَا﴾ أي في ليلة القدر. ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أي بأمره. ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ أمر بكل أمر قدره اللّه وقضاه في تلك السنة إلى قابل؛ قاله ابن عباس؛ كقوله تعالى: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ أي بأمر اللّه. وقراءة العامة ﴿تَنَزَّلُ﴾ بفتح التاء؛ إلا أن البزي


الصفحة التالية
Icon