الثاني: تحدث أخبارها بما أخرجت من أثقالها؛ قاله يحيى بن سلام. وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة.
قلت: وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أنه قال: "إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه اللّه، فتقول الأرض يوم القيامة: رب هذا ما استودعتني". أخرجه ابن ماجه في سننه. وقد تقدم.
الثالث: أنها تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها؟ قال ابن مسعود. فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى، وأمر الآخرة قد أتى. فيكون ذلك منها جوابا لهم عند سؤالهم، ووعيدا للكافر، وإنذارا للمؤمن. وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل: أحدها: أن اللّه تعالى يقلبها حيوانا ناطقا؛ فتتكلم بذلك. الثاني: أن اللّه تعالى يحدث فيها الكلام. الثالث: أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام. قال الطبري: تبين أخبارها بالرجة والزلزلة وإخراج الموتى.
قوله تعالى: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ أي إنها تحدث أخبارها أوحي اللّه ﴿لَهَا﴾، أي إليها. والعرب تضع لام الصفة موضع "إلى". قال العجاج يصف الأرض:

وحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
وهذا قول أبي عبيدة: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ أي إليها. وقيل: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ أي أمرها؛ قال مجاهد. وقال السدي: ﴿أَوْحَى لَهَا﴾ أي قال لها. وقال: سخرها. وقيل: المعنى يوم تكون الزلزلة، وإخراج الأرض أثقالها، تحدث الأرض أخبارها؛ ما كان عليها من الطاعات والمعاصي، وما عمل على ظهرها من خير وشر. وروي ذلك عن الثوري وغيره.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً﴾ أي فرقا؛ جمع شت. قيل: ءن موقف الحساب؛ فريق يأخذ جهة اليمين إلى الجنة، وفريق آخر يأخذ جهة الشمال إلى النار؛ كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾. وقيل: يرجعون عن الحساب بعد فراغهم من الحساب. ﴿أَشْتَاتاً﴾


الصفحة التالية
Icon