٤- ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ﴾ منصوب على الظرف، تقديره: تكون القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث. قال قتادة: الفراش الطير الذي يتساق في النار والسراج. الواحد فراشة، وقاله أبو عبيدة. وقال الفراء: إنه الهمج الطائر، من بعوض وغيره؛ ومنه الجراد. ويقال: هو أطيش من فراشه. وقال:
طويش من نفر أطياش... أطيش من طائرة الفراش
وقال آخر:
وقد كان أقوام رددت قلوبهم... إليهم وكانوا كالفراش من الجهل
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثلكم كمثل رجل أو قد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها، وأنا أخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي". وفي الباب عن أبي هريرة. والمبثوث المتفرق. وقال في موضع آخر: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾. فأول حالهم كالفراش لا وجه له، يتحير في كل وجه، ثم يكونون كالجراد، لأن لها وجها تقصده. والمبثوث: المتفرق والمنتشر. وإنما ذكر على اللفظ: كقوله تعالى: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ ولو قال المبثوثة [فهو] كقوله تعالى: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ وقال ابن عباس والفراء: ﴿كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ كغوغاء الجراد، يركب بعضها بعضا. كذلك الناس، يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا.
٥- ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾
أي الصوف الذي ينفش باليد، أي تصير هباء وتزول؛ كما قال جل ثناؤه في موضع آخر: ﴿هَبَاءً مُنْبَثّاً﴾ وأهل اللغة يقولون: العهن الصوف المصبوغ. وقد مضى في سورة ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon