وقيل: إن ﴿كَلَّا﴾ في هذه المواضع الثلاثة بمعنى "ألا" قاله ابن أبي حاتم، وقال الفراء: هي بمعنى "حقا" وقد تقدم الكلام فيها مستوفى.
٦- ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾
٧- ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾
قوله تعالى: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ هذا وعيد آخر. وهو على إضمار القسم؛ أي لترون الجحيم في الآخرة. والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار. وقيل: هو عام؛ كما قال: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ فهيئ للكفار دار، وللمؤمنين ممر. وفي الصحيح: "فيمر أولهم كالبرق، ثم كالريح، ثم كالطير..." الحديث. وقد مضى في سورة "مريم". وقرأ الكسائي وابن عامر ﴿لترون﴾ بضم التاء، من رأيته الشيء؛ أي تحشرون إليها فترونها. وعلى فتح التاء، هي قراءة الجماعة؛ أي لترون الجحيم بأبصاركم على البعد. ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ أي مشاهدة. وقيل: هو إخبار عن دوام مقامهم في النار؛ أي هي رؤية دائمة متصلة. والخطاب على هذا للكفار. وقيل: معنى ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ أي لو تعلمون اليوم في الدنيا، علم اليقين فيما أمامكم، مما وصفت: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ بعيون قلوبكم؛ فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك؛ وهو أن تتصور لك تارات القيامة، وقطع مسافاتها. ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ : أي عند المعاينة بعين الرأس، فتراها يقينا، لا تغيب عن عينك. ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ : في موقف السؤال والعرض.
٨- ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله ﷺ ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر؛ فقال: "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة" ؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: "وأنا


الصفحة التالية
Icon