وغيث من الوسميّ حُوٍّ تلاعه... تبطنته بشيظم صلتان
ويجوز أن يكون ﴿أحوى﴾ صفة لـ ﴿غثاء﴾. والمعنى: أنه صار كذلك بعد خضرته. وقال أبو عبيدة: فجعله أسود من احتراقه وقدمه؛ والرطب إذا يبس أسود. وقال عبدالرحمن زيد: أخرج المرعى أخضر، ثم لما يبس أسود من احتراقه، فصار غثاء تذهب به الرياح والسيول. وهو مثل ضربه اللّه تعالى للكفار، لذهاب الدنيا بعد نضارتها.
٦- ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾
٧- ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾
٨- ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾
قوله تعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ أي القرآن يا محمد فنعلمكه ﴿فَلا تَنْسَى﴾ أي فتحفظ؛ رواه ابن وهب عن مالك. وهذه بشرى من اللّه تعالى؛ بشره بأن أعطاه آية بينة، وهي أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي، وهو أُمي لا يكتب ولا يقرأ، فيحفظه ولا ينساه. وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: كان يتذكر مخافة أن ينسى، فقيل: كفيتكه. قال مجاهد والكلبي: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي، لم يفرغ جبريل من آخر الآية، حتى يتكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم بأولها، مخافة أن ينساها؛ فنزلت: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ بعد ذلك شيئا، فقد كفيتكه. وجه الاستثناء على، ما قاله الفراء: إلا ما شاء اللّه، وهو لم يشأ أن تنسى شيئا؛ كقوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾. ولا يشاء. ويقال في الكلام: لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت، وإلا أن أشاء أن أمنعك، والنية على ألا يمنعه شيئا. فعلى هذا مجاري الإيمان؛ يستثنى فيها ونية الحالف التمام. وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس: فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات، ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. وعن سعيد عن قتادة، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا ينسى شيئا؛ {إِلَّا