ثم فسرها ما هي فقال: ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ﴾ أي التي أوقد عليها ألف عام، وألف عام، وألف عام؛ فهي غير خامدة؛ أعدها الله للعصاة. ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ قال محمد بن كعب: تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد، خلقوا خلقا جديدا، فرجعت تأكلهم. وكذا روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن النار تأكل أهلها، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله تعالى: ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ ". وخص الأفئدة لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه. أي إنه في حال من يموت وهم لا يموتون؛ كما قال الله تعالى: ﴿لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾ فهم إذاً أحياء في معنى الأموات. وقيل: معنى ﴿تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ أي تعلم مقدار ما يستحقه كل واحد منهم من العذاب؛ وذلك بما استبقاه الله تعالى من الأمارة الدالة عليه. ويقال: أطلع فلان على كذا: أي علمه. وقد قال الله تعالى: ﴿تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾. وقال تعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً﴾ فوصفها بهذا، فلا يبعد أن توصف بالعلم.
٨- ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ﴾
٩- ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾
أي مطبقة؛ قال الحسن والضحاك. وقد تقدم في سورة "البلد" القول فيه. وقيل: مغلقة؛ بلغة قريش. يقولون: آصدت الباب إذا أغلقته؛ قال مجاهد. ومنه قول عبيدالله بن قيس الرقيات:

إن في القصر لو دخلنا غزالا مصفقا موصدا عليه الحجاب
﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ الفاء بمعنى الباء؛ أي موصدة بعمد بعمد ممددة؛ قاله ابن مسعود. وهي في قراءته ﴿بعمد ممددة﴾ في حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ "ثم إن الله يبعث إليهم


الصفحة التالية
Icon