ورحلة إلى اليمن، فقيل لهم: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ أي يقيموا بمكة. رحلة الشتاء، إلى اليمن، والصيف: إلى الشام.
٤- ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾
قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ أي بعد جوع. ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ قال ابن عباس: وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾. وقال ابن زيد: كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها من بعض، فأمنت قريش من ذلك المكان الحرم - وقرأ – ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾. وقيل: شق عليهم السفر في الشتاء والصيف، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاما في السفن، فحملوه؛ فخافت قريش منهم، وظنوا أنهم قدموا لحربهم، فخرجوا إليهم متحرزين، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام، وأغاثوهم بالأقوات؛ فكان أهل مكة يخرجون إلى جدة بالإبل والحمر، فيشترون الطعام، على مسيرة ليلتين. وقيل: هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي ﷺ دعا عليهم، فقال: "اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" فاشتد القحط، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون. فدعا فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمين؛ فحملوا الطعام إلى مكة، وأخصب أهلها. وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان: "وآمنهم من خوف" أي من خوف الجذام، لا يصيبهم ببلدهم الجذام. وقال الأعمش: ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ أي من خوف الحبشة مع الفيل. وقال علي رضي الله عنه: ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ أن تكون الخلافة إلاًّ فيهم. وقيل: أي كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك. فالله أعلم، واللفظ يعم.


الصفحة التالية
Icon