﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ - قال -: "الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، تهاونا بها". وعن ابن عباس أيضا: هم المنافقون يتركون الصلاة سرا، يصلونها علانية ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾... الآية. ويدل على أنها في المنافقين قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ﴾، وقال ابن وهب عن مالك. قال ابن عباس: ولو قال في صلا: الم وقال عطاء: الحمد لله الذي قال ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ﴾ ولم يقل في صلاتهم. قال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين قوله: ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ﴾، وبين قولك: في صلاتهم؟ قلت: معنى ﴿عن﴾ أنهم ساهون عنها سهو ترك لها، وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين، أو الفسقة الشطار من المسلمين. ومعنى ﴿في﴾ أن السهو يعتريهم فيها، بوسوسة شيطان، أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم. وكان رسول الله ﷺ يقع له السهو في صلاته، فضلا عن غيره؛ ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم. قال ابن العربي: لأن السلامة من السهو محال، وقد سها رسول الله ﷺ في صلاته والصحابة: وكل من لا يسهو في صلاته، فذلك رجل لا يتدبرها، ولا يعقل قراءتها، وإنما همه في أعدادها؛ وهذا رجل يأكل القشور، ويرمي اللب. وما كان النبي ﷺ يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها؛ اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له: اذكر كذا، اذكر كذا؛ لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى.
الرابعة- قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ﴾ أي يري الناس أنه يصلي طاعة وهو يصلي تقية؛ كالفاسق، يرى أنه يصلي عبادة وهو يصلي ليقال: إنه يصلي. وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس. وأولها تحسين السمت؛ وهو من أجزاء النبوة، ويريد بذلك الجاه والثناء. وثانيها: الرياء بالثياب القصار والخشنة؛ ليأخذ بذلك هيئة