إليه" - قال – "فإني أمرت بها" - ثم قرأ - ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إلى آخرها. وقال أبو هريرة: اجتهد النبي بعد نزولها، حتى تورمت قدماه. ونحل جسمه، وقل تبسمه، وكثر بكاؤه. وقال عكرمة: لم يكن النبي ﷺ قط أشد اجتهادا في أمور الآخرة ما كان منه عند نزولها. وقال مقاتل: لما نزلت قرأها النبي ﷺ على أصحابه، ومنهم أبو بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص، ففرحوا واستبشروا، وبكى العباس؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يبكيك يا عم؟" قال: نعيت إليك نفسك. قال: "إنه لكما تقول" ؛ فعاش بعدها ستين يوما، ما رئي فيها ضاحكا مستبشرا. وقيل: نزلت في منى بعد أيام التشريق، حجة الوداع، فبكى عمر والعباس، فقيل لهما: إن هذا يوم فرح، فقالا: بل فيه نعي النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدقتما، نعيت إليّ نفسي". وفي البخاري وغيره عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. قال: فوجد بعضهم من ذلك، فقالوا: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله فقال لهم عمر: إنه من قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم، فسألهم عن هذه السورة: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فقالوا: أمر الله جل وعز نبيه ﷺ إذا فتح عليه أن يستغفره، وأن يتوب إليه. فقال: ما تقول يا ابن عباس؟ قلت: ليس كذلك، ولكن أخبر الله نبيه ﷺ حضور أجله، فقال: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾، فذلك علامة موتك. ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾. فقال عمر رضي الله عنه: تلومونني عليه؟ وفي البخاري فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول. ورواه الترمذي، قال: كان عمر يسألني مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له عبدالرحمن بن عوف: أتسأله ولنا بنون مثله؟ فقال له عمر: إنه من حيث نعلم. فسأله عن هذه الآية: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾. فقلت: إنما هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعلمه إياه؛ وقرأ السورة إلى آخرها. فقال له عمر: والله ما أعلم منها إلا ما تعلم. قال: هذا