"أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن". وقال جرير في الطروق:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا حين الزيارة فارجعي بسلام
ثم بين فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ والثاقب: المضيء. ومنه ﴿شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾. يقال: ثقب يثقب ثقوبا وثقابة: إذا أضاء. وثقوبه: ضوئه. والعرب تقول: أثقب نارك؛ أي أضئها. قال:
أذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب
الثقوب: ما تشعل به النار من دقاق العيدان. وقال مجاهد: الثاقب: المتوهج. القشيري والمعظم على أن الطارق والثاقب اسم جنس أريد به العموم، كما ذكرنا عن مجاهد. ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ تفخيما لشأن هذا المقسم به. وقال سفيان: كل ما في القرآن ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾؟ فقد أخبره به. وكل شيء قال فيه ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ : لم يخبره به.
٤- ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾
قال قتادة: حفظة يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك. وعنه أيضا قال: قرينه يحفظ عليه عمله: من خير أو شر. وهذا هو جواب القسم. وقيل: الجواب ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ في قول الترمذي: محمد بن علي. و"إن": مخففة من الثقيلة، و"ما": مؤكدة، أي إن كل نفس لعليها حافظ. وقيل: المعنى إن كل نفس إلا عليها حافظ: يحفظها من الآفات، حتى يسلمها إلى القدر. قال الفراء: الحافظ من اللّه، يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير، وقال الكلبي. وقال أبو أمامة: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر، سبعة أملاك يذبون عنه، كما يذب عن قصعة العسل الذباب. ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين". وقراءة ابن عامر وعاصم وحمزة "لما" بتشديد الميم، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، وهي لغة


الصفحة التالية
Icon