٥- ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾
٦- ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً﴾
٧- ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾
٨- ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾
٩- ﴿وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ﴾
قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ أي أيظن ابن آدم أن لن يعاقبه الله عز وجل: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ﴾ أي أنفقت. ﴿مَالاً لُبَداً﴾ أي كثيرا مجتمعا. ﴿أَيَحْسَبُ﴾ أي أيظن. ﴿أَنْ لَمْ يَرَهُ﴾ أي أن لم يعاينه ﴿أَحَدٌ﴾ بل علم الله عز وجل ذلك منه، فكان كاذبا في قوله: أهلكت ولم يكن أنفقه. وروى أبو هريرة قال: يوقف العبد، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك؟ فيقول: أنفقته وزكيته. فيقال: كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سخي، فقد قيل ذلك. ثم يؤمر به إلى النار. وعن سعيد عن قتادة: إنك مسؤول عن مالك من أين جمعت؟ وكيف أنفقت؟ وعن ابن عباس قال: كان أبو الأشدين يقول: أنفقت في عداوة محمد مالا كثيرا وهو في ذلك كاذب. وقال مقاتل: نَزَلتْ في الحارث بن عامر بن نوفل، أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يُكَفِّر. فقال: لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات، منذ دخلت في دين محمد. وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق، فيكون طغيانا منه، أو أسفا عليه، فيكون ندما منه. وقرأ أبو جعفر ﴿مَالاً لُبَّداً﴾ بتشديد الباء مفتوحة، على جمع لا بد؛ مثل راكع وركع، وساجد وسجد، وشاهد وشهد، ونحوه. وقرأ مجاهد وحميد بضم الباء واللام مخففا، جمع لبود. الباقون بضم اللام وكسرها وفتح الباء مخففا، جمع لبدة ولبدة، وهو ما تلبد؛ يريد الكثرة. وقد مضى في سورة "الجن" القول فيه. وروي عن النبي ﷺ أنه كان يقرأ ﴿أيحسُب﴾ بضم السين في الموضعين. وقال الحسن: يقول أتلفت مالا كثيرا، فمن يحاسبني به، دعني أحسبه. ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته، وأن الله عز وجل يرى صنيعه، ثم عدد عليه نعمه فقال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾ يبصر بهما ﴿وَلِسَاناً﴾ ينطق به. ﴿وَشَفَتَيْنِ﴾ يستر بهما