بنفسه فيه من غير روية. وقحم الفرس فارسه. تقحيما على وجهه: إذا رماه. وتقحيم النفس في الشيء: إدخالها فيه من غير روية. والقُحمة بالضم المهلكة، والسنة الشديدة. يقال: أصابت الأعراب القُحمة: إذا أصابهم قحط، فدخلوا الريف. والقُحم: صعاب الطريق. وقال الفراء والزجاج: وذكر ﴿لا﴾ مرة واحدة، والعرب لا تكاد تفرد ﴿لا﴾ مع الفعل الماضي في مثل هذا الموضع، حتى يعيدوها في كلام آخر؛ كقوله تعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى﴾ ﴿وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. وإنما أفردوها لدلالة آخر الكلام على معناه؛ فيجوز أن يكون قوله: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ قائما مقام التكرير؛ كأنه قال: فلا اقتحم العقبة ولا آمن. وقيل: هو جار مجرى الدعاء؛ كقوله: لا نجا ولا سلم. وقال: معنى ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ أي فلم يقتحم العقبة، كقول زهير:

وكان طوى كشحا على مستكِنَّة فلا هو أبداها ولم يتقدم
أي فلم يبدها ولم يتقدم. وكذا قال المبرد وأبو علي: ﴿لا﴾: بمعنى لم. وذكره البخاري عن مجاهد. أي فلم يقتحم العقبة في الدنيا، فلا يحتاج إلى التكرير. ثم فسر العقبة وركوبها فقال ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ وكذا وكذا؛ فبين وجوها من القرب المالية. وقال ابن زيد وجماعة من المفسرين: معنى الكلام الاستفهام الذي معناه الإنكار؛ تقديره: أفلا اقتحم العقبة؛ أو هلا اقتحم العقبة. يقول: هلا أنفق ماله في فك الرقاب، وإطعام السغْبَان، ليجاوز به العقبة، فيكون خيرا له من إنفاقه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم قيل: اقتحام العقبة ها هنا ضرب مثل، أي هل تحمل عظام الأمور فغي إنفاق ماله في طاعة ربه، والإيمان به. وهذا إنما يليق بقول من حمل ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ على الدعاء؛ أي فلا نجا ولا سلم من لم ينفق ماله في كذا وكذا. وقيل: شبه عظم الذنوب وثقلها وشدتها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وعمل صالحا، كان مثله كمثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله. قال


الصفحة التالية
Icon