متقارب. وروي عن أبي هريرة قال: قرأ رسول الله ﷺ ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ قال: "اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها". ورواه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: أن النبي ﷺ كان إذا قرأ هذه الآية: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ رفع صوته بها، وقال: "اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وأنت خير من زكاها". وفي صحيح مسلم، عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي ومضى عليهم من قدر سبق، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا، وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده، فلا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. فقال لي: يرحمك الله إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه: أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم. وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: "لا بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: "ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها". والفجور والتقوى: مصدران في موضع المفعول به.
٩- ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ ١٠- ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾
قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ هذا جواب القسم، بمعنى: لقد أفلح. قال الزجاج: اللام حذفت، لأن الكلام طال، فصار طول عوضا منها. وقيل: الجواب محذوف؛ أي والشمس وكذا وكذا لتبعثن. الزمخشري: تقديره ليدمدمن الله عليهم؛ أي على أهل مكة، لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحا. وأما ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ فكلام تابع لأوله؛ لقوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم