الذكر والأنثى؛ فيكون قد أقسم بنفسه عز وجل. وقيل: معناه وخلق الذكر والأنثى؛ (فما): مصدرية على ما تقدم. وأهل مكة يقولون للرعد: سبحان ما سبحت له (فما) على هذا بمعنى (من)، وهو قول أبي عبيدة وغيره. وقد تقدم. وقيل: المعنى وما خلق من الذكر والأنثى؛ فتكون "من" مضمرة، ويكون القسم منه بأهل طاعته، من أنبيائه وأوليائه، ويكون قسمه بهم تكرمة لهم وتشريفا. وقال أبو عبيدة: "وما خلق" أي من خلق. وكذا قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ ﴿ما﴾ في هذه المواضع بمعنى من. وروي. ابن مسعود أنه كان يقرأ ﴿والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى﴾ ويسقط ﴿وما خلق﴾. وفي صحيح مسلم عن علقمة قال: قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال: فيكم أحد يقرأ عليّ قراءة عبدالله؟ فقلت: نعم، أنا. قال: فكيف سمعت عبدالله يقرأ هذه الآية ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ ؟ قال: سمعته يقرأ ﴿والليل إذا يغشى والذكر والأنثى﴾ قال: وأنا واللّه هكذا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرؤها، ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ ﴿وَمَا خَلَقَ﴾" فلا أتابعهم.
قال أبو بكر الأنباري: وحدثنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا محمد قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن يزيد عن عبدالله قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إني أنا الرازق ذو القوة المتين"؛ قال أبو بكر: كل من هذين الحديثين مردود؛ بخلاف الإجماع له، وأن حمزة وعاصما يرويان عن عبدالله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين، والبناء على سندين يوافقان الإجماع أولى من الأخذ بواحد يخالفه الإجماع والأمة، وما يبني على رواية واحد إذا حاذاه رواية جماعة تخالفه، أخذ برواية الجماعة، وأبطل نقل الواحد؛ لما يجوز عليه من النسيان والإغفال. ولو صح الحديث عن أبي الدرداء وكان إسناده مقبولا معروفا، ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي