أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون معك؟ فقال: يا أبت إنما أريد ما أريد. وعن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ أي بذل. ﴿وَاتَّقَى﴾ أي محارم اللّه التي نهى عنها. ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ أي بالخلف من اللّه تعالى على عطائه. ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا". وروى من حديث أبي الدرداء: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما من يوم غربت شمسه إلا بعث بجنبتها ملكان يناديان يسمعهما خلق اللّه كلهم إلا الثقلين: اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا" فأنزل اللّه تعالى في ذلك في القرآن ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾... الآيات. وقال أهل التفسير: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ المعسرين. وقال قتاده: أعطى حق اللّه تعالى الذي عليه. وقال الحسن: أعطى الصدق من قلبه. ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ أي بلا إله إلا اللّه؛ قاله الضحاك والسلمي وابن عباس أيضا. وقال مجاهد: بالجنة؛ دليله قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾... الآية. وقال قتادة: بموعود اللّه الذي وعده أن يثيبه. زيد بن أسلم: بالصلاة والزكاة والصوم. الحسن: بالخلف من عطائه؛ وهو اختيار الطبري. وتقدم عن ابن عباس، وكله متقارب المعنى؛ إذ كله يرجع إلى الثواب الذي هو الجنة.
الثانية- قوله تعالى: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ أي نرشده لأسباب الخير والصلاح، حتى يسهل عليه فعلها. وقال زيد بن أسلم: ﴿لِلْيُسْرَى﴾ للجنة. وفي الصحيحين والترمذي عن علي رضي اللّه عنه قال: كنا في جنازة بالبقيع، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فجلس وجلسنا معه، ومعه عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه إلى السماء فقال: "ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مدخلها" فقال القوم: يا رسول اللّه، أفلا نتكل على كتابنا؟ فمن كان من أهل السعادة فانه يعمل للسعادة، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء. قال: "بل