قوله تعالى: ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ﴾، على ما بينا في سورة الشورى. وقال قوم: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً﴾ أي في قوم ضلال، فهداهم اللّه بك. هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه؛ أي ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم. وقيل: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً﴾ عن الهجرة، فهداك إليها. وقيل: ﴿ضَالاً﴾ أي ناسيا شأن الاستئناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك؛ كما قال تعالى: " ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾. وقيل: ووجدك طالبا للقبلة فهداك إليها؛ بيانه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ...﴾ الآية. ويكون الضلال بمعنى الطلب؛ لأن الضال طالب. وقيل: ووجدك متحيرا عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه؛ فيكون الضلال بمعنى التحير؛ لأن الضال متحير. وقيل: ووجدك ضائعا في قومك؛ فهداك إليه؛ ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل: ووجدك محبا للهداية، فهداك إليها؛ ويكون الضلال بمعنى المحبة. ومنه قوله تعالى: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾ أي في محبتك. قال الشاعر:
هذا الضلال أشاب مني المفرقا | العارضين ولم أكن متحققا |
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي | بعد الضلال فحبلها قد أخلقا |