لأنه تعالى قال: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ﴾. وحكى الكرخي عن محمد بن الحسن أن الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة: يوم الأضحى ويومان بعده. قال الكيا الطبري: فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرق بين المعلومات والمعدودات، لأن المعدودات المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف، ولا يشك أحد أن المعدودات لا تتناول أيام العشر، لأن الله تعالى يقول: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ وليس في العشر حكم يتعلق بيومين دون الثالث. وقد روي عن ابن عباس "أن المعلومات العشر، والمعدودات أيام التشريق"، وهو قول الجمهور.
قلت: وقال ابن زيد: الأيام المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق، وفيه بعد، لما ذكرناه، وظاهر الآية يدفعه. وجعل الله الذكر في الأيام المعدودات والمعلومات يدل على خلاف قوله، فلا معنى للاشتغال به.
الثالثة - ولا خلاف أن المخاطب بهذا الذكر هو الحاج، خوطب بالتكبير عند رمي الجمار، وعلى ما رزق من بهيمة الأنعام في الأيام المعلومات وعند أدبار الصلوات دون تلبية، وهل يدخل غير الحاج في هذا أم لا؟ فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد - وخصوصا في أوقات الصلوات - فكبر عند انقضاء كل صلاة - كان المصلي وحده أو في جماعة - تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداء بالسلف رضي الله عنهم. وفي المختصر: ولا يكبر النساء دبر الصلوات، والأول أشهر، لأنه يلزمها حكم الإحرام كالرجل، قاله في المدونة.
الرابعة - ومن نسي التكبير بإثر صلاة كبر إن كان قريبا، وإن تباعد فلا شيء عليه، قاله ابن الجلاب. وقال مالك في المختصر: يكبر ما دام في مجلسه، فإذا قام من مجلسه فلا شيء عليه وفي المدونة من قول مالك: إن نسي الإمام التكبير فإن كان قريبا قعد فكبر، وإن تباعد فلا شيء عليه، وإن ذهب ولم يكبر والقوم جلوس فليكبروا.


الصفحة التالية
Icon