الثالثة: - قوله تعالى :﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ الحبة اسم جنس لكل ما يزدرعه ابن آدم ويقتاته وأشهر ذلك البر فكثيرا ما يراد بالحب، ومنه قول المتلمس:
آليت حب العراق الدهر أطعمه | والحب يأكله في القرية السوس |
قلت: هذا ليس بشيء فإن سنبل الدخن يجيء في السنبلة منه أكثر من هذا العدد بضعفين وأكثر، على ما شاهدناه. قال ابن عطية: وقد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة، فأما في سائر الحبوب فأكثر ولكن المثال وقع بهذا القدر. وقال الطبري في هذه الآية: إن قوله ﴿فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ معناه إن وجد ذلك، وإلا فعلى أن يفرضه، ثم نقل عن الضحاك أنه قال: "﴿فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ " معناه كل سنبلة أنبتت مائة حبة. قال ابن عطية: فجعل الطبري قول الضحاك نحو ما قال، وذلك غير لازم من قول الضحاك. وقال أبو عمرو الداني: وقرأ بعضهم "مائة" بالنصب على تقدير أنبتت مائة حبة.
قلت: وقال يعقوب الحضرمي: وقرأ بعضهم ﴿فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾ على: أنبتت مائة حبة، وكذلك قرأ بعضهم ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [الملك: ٦] على ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ٥] وأعتدنا للذين كفروا عذاب جهنم. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي "أنبتت سبع سنابل" بإدغام التاء في السين، لأنهما مهموستان، ألا ترى أنهما يتعاقبان. وأنشد أبو عمرو: