في المعاصي حتى أحرق عمله. في رواية: فإذا فني عمره واقترب أجله ختم ذلك بعمل من أعمال الشقاء، فرضى ذلك عمر. وروى ابن أبي مليكة أن عمر تلا هذه الآية. وقال: هذا مثل ضرب للإنسان يعمل عملا صالحا حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء. قال ابن عطية: فهذا نظر يحمل الآية على كل ما يدخل تحت ألفاظها، وبنحو ذلك قال مجاهد وقتادة والربيع وغيرهم. وخص النخيل والأعناب بالذكر لشرفهما وفضلهما على سائر الشجر. وقرأ الحسن "جنات" بالجمع. ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ تقدم ذكره. ﴿لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ يريد ليس شيء من الثمار إلا وهو فيها نابت.
قوله تعالى: ﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ﴾ عطف ماضيا على مستقبل وهو "تكون" وقيل: "يود" فقيل: التقدير وقد أصابه الكبر. وقيل إنه محمول على المعنى، لأن المعنى أيود أحدكم أن لو كانت له جنة. وقيل: الواو واو الحال، وكذا في قوله تعالى "وله".
قوله تعالى: ﴿ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾ قال الحسن: ﴿إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ﴾ ريح فيها برد شديد. الزجاج: الإعصار في اللغة الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود، وهي التي يقال لها: الزوبعة. قال الجوهري: الزوبعة رئيس من رؤساء الجن، ومنه سمي الإعصار زوبعة. ويقال: أم زوبعة، وهي ريح تثير الغبار وترتفع إلى السماء كأنها عمود. وقيل: الإعصار ريح تثير سحابا ذا رعد وبرق. المهدوي: قيل لها إعصار لأنها تلتف كالثوب إذا عصر. ابن عطية: وهذا ضعيف.
قلت: بل هو صحيح، لأنه المشاهد المحسوس، فإنه يصعد عمودا ملتفا. وقيل: إنما قيل للريح إعصار، لأنه يعصر السحاب، والسحاب معصرات إما لأنها حوامل فهي كالمعصر من النساء. وإما لأنها تنعصر بالرياح. وحكى ابن سيده: إن المعصرات فسرها قوم بالرياح لا بالسحاب. ابن زيد: الإعصار ريح عاصف وسموم شديدة، وكذلك قال السدي: الإعصار الريح والنار السموم. ابن عباس: ريح فيها سموم شديدة. قال ابن عطية: ويكون،