أوسق زكاة". والوَسْق ستون صاعا، فذلك ثلاثمائة صاع من الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وليس فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة. وقد احتج قوم لأبي حنيفة بقول الله تعالى: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧] وإن ذلك عموم في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره وفي سائر الأصناف، ورأوا ظاهر الأمر الوجوب. وسيأتي بيان هذا في "الأنعام" مستوفى. وأما المعدن فروى الأئمة عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: " العجماء جرحها جُبَار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس ". قال علماؤنا: لما قال صلى الله عليه وسلم: "وفي الركاز الخمس " دل على أن الحكم في المعادن غير الحكم في الركاز، لأنه ﷺ قد فصل بين المعادن والركاز بالواو الفاصلة، ولو كان الحكم فيهما سواء لقال والمعدن جبار وفيه الخمس، فلما قال "وفي الركاز الخمس" علم أن حكم الركاز غير حكم المعدن فيما يؤخذ منه، والله أعلم.
والركاز أصله في اللغة ما ارتكز بالأرض من الذهب والفضة والجواهر، وهو عند سائر الفقهاء كذلك، لأنهم يقولون في الندرة التي توجد في المعدن مرتكزة بالأرض لا تنال بعمل ولا بسعي ولا نصب، فيها الخمس، لأنها ركاز. وقد روى عن مالك أن الندرة في المعدن حكمها حكم ما يتكلف فيه العمل مما يستخرج من المعدن في الركاز، والأول تحصيل مذهبه وعليه فتوى جمهور الفقهاء. وروى عبدالله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله ﷺ عن الركاز قال: "الذهب الذي خلق الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض". عبدالله بن سعيد هذا متروك الحديث، ذكر ذلك ابن أبي حاتم. وقد روى من طريق أخرى عن أبي هريرة ولا يصح، ذكره الدارقطني. ودفن الجاهلية لأموالهم عند جماعة العلماء ركاز أيضا لا يختلفون فيه إذا كان