ومدحه والإظهار ومدحه، فيجوز أن يتوجه إليهما جميعا. وقال النقاش: إن هذه الآية نسخها قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً﴾ [البقرة: ٢٧٤] الآية.
قوله تعالى: ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ﴾ " ثناء على إبداء الصدقة، ثم حكم على أن الإخفاء خير من ذلك. ولذلك قال بعض الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره، وإذا اصطنع إليك فانشره. قال دعبل الخزاعي:
إذا انتقموا أعلنوا أمرهم... وإن أنعموا باكتتام
وقال سهل بن هارون:
وقال العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال: تعجيله وتصغيره وستره، فإذا أعجلته هنيته، وإذا صغرته عظمته، وإذا سترته أتممته. وقال بعض الشعراء فأحسن:
زاد معروفك عندي عظما... أنه عندك مستور حقير
تتناساه كأن لم تأته... وهو عند الناس مشهور خطير
واختلف القراء في قول "فنعما هي" فقرأ أبو عمرو ونافع في رواية ورش وعاصم في رواية حفص وابن كثير ﴿فنعما هي﴾ بكسر النون والعين. وقرأ أبو عمرو أيضا ونافع في غير رواية ورش وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل "فنعما" بكسر النون وسكون العين. وقرأ الأعمش وابن عامر وحمزة والكسائي "فنعما" بفتح النون وكسر العين، وكلهم سكن الميم. ويجوز في غير القرآن فنعم ما هي. قال النحاس: ولكنه في السواد متصل فلزم الإدغام. وحكى النحويون في "نعم" أربع لغات: نعم الرجل زيد، هذا الأصل. ونعم الرجل، بكسر النون لكسر العين. ونعم الرجل، بفتح النون وسكون العين، والأصل نعم حذفت الكسرة لأنها ثقيلة. ونعم الرجل، وهذا أفضل اللغات، والأصل فيها نَعِم. وهي تقع في كل مدح، فخففت وقلبت كسرة العين على النون وأسكنت العين، فمن قرأ "فنعما هي" فله تقديران: أحدهما أن يكون جاء به على لغة من يقول نِعِم. والتقدير الآخر أن يكون على


الصفحة التالية
Icon