فإن كان الثمن يشبه قيمتها فالبيع لازم، وإن كان متفاوتا كعبد بدرهم ودار بدينار، علم أنه لم يرد به البيع، وإنما كان هازلاً فلم يلزمه.
قوله تعالى: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ الألف واللام هنا للعهد، وهو ما كانت العرب تفعله كما بيناه، ثم تتناول ما حرمه رسول الله ﷺ ونهى عنه من البيع الذي يدخله الربا وما في معناه من البيوع المنهي عنها.
التاسعة عشرة: - عقد الربا مفسوخ لا يجوز بحال، لما رواه الأئمة واللفظ لمسلم عن أبي سعيد الخدري قال: جاء بلال بتمر برني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أين هذا" ؟ فقال بلال: من تمر كان عندنا رديء، فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله ﷺ عند ذلك: " أوه عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتر به" وفي رواية " هذا الربا فردوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا ". قال علماؤنا: فقوله " أوه عين الربا" أي هو الربا المحرم نفسه لا ما يشبهه. وقوله: "فردوه " يدل على وجوب فسخ صفقة الربا وأنها لا تصح بوجه، وهو قول الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة حيث يقول: إن بيع الربا جائز بأصله من حيث هو بيع، ممنوع بوصفه من حيث هو رباً، فيسقط الربا ويصح البيع. ولو كان على ما ذكر لما فسخ النبي ﷺ هذه الصفقة، ولأمره برد الزيادة على الصاع ولصحح الصفقة في مقابلة الصاع.
الموفية عشرين: - كل ما كان من حرام بين ففسخ فعلى المبتاع رد السلعة بعينها. فإن تلفت بيده رد القيمة فيما له القيمة، وذلك كالعقار والعروض والحيوان، والمثل فيما له مثل من موزون أو مكيل من طعام أو عرض. قال ملك: يرد الحرام البين فات أو لم يفت، وما كان مما كره الناس رد إلا أن يفوت فيترك.


الصفحة التالية
Icon