اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
فيه اثنتان وخمسون مسالة:
الأولى: - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ الآية. قال سعيد بن المسيب: بلغني أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين. وقال ابن عباس: هذه الآية نزلت في السلم خاصة. معناه أن سلم أهل المدينة كان سبب الآية، ثم هي تتناول جميع المداينات إجماعا. وقال ابن خويز منداد: إنها تضمنت ثلاثين حكما. وقد استدل بها بعض علمائنا على جواز التأجيل في القروض، على ما قال مالك، إذ لم يفصل بين القرض وسائر العقود في المداينات. وخالف في ذلك الشافعية وقالوا: الآية ليس فيها جواز التأجيل في سائر الديون، وإنما فيها الأمر بالإشهاد إذا كان دَيْناً مؤجلا، ثم يعلم بدلالة أخرى جواز التأجيل في الدين وامتناعه.
الثانية: - قوله تعالى: ﴿دَيْنٍ﴾ تأكيد مثل قوله ﴿وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ [الأنعام: ٣٨]. ﴿ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ [الحجر: ٣٠]. وحقيقة الدين عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا والآخر في الذمة نسيئة، فإن العين عند العرب ما كان حاضرا، والدين ما كان غائبا، قال الشاعر:
وعدتنا بدرهمينا طلاء | وشواء معجلا غير دين |
وقال آخر:لترم بي المنايا حيث شاءت | إذا لم ترم بي في الحفرتين |
إذا ما أوقدوا حطبا ونارا | فذاك الموت نقدا غير دين |
وقد بين الله تعالى هذا المعنى بقوله الحق
﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً﴾