والله أعلم. وأما الشرط الخامس وهو أن يكون الأجل معلوما فلا خلاف فيه بين الأمة، لوصف الله تعالى ونبيه الأجل بذلك. وانفرد مالك دون الفقهاء بالأمصار بجواز البيع إلى الجذاذ والحصاد، لأنه رآه معلوما. وقد مضى القول في هذا عند قوله تعالى ﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ﴾ [البقرة: ١٨٩]. وأما الشرط السادس وهو أن يكون موجودا عند المحل فلا خلاف فيه بين الأمة أيضا، فإن انقطع المبيع عند محل الأجل بأمر من الله تعالى انفسخ العقد عند كافة العلماء.
السابعة: - ليس من شرط السلم أن يكون المسلم إليه مالكا للمسلم فيه خلافا لبعض السلف، لما رواه البخاري عن محمد بن المجالد قال: بعثني عبدالله بن شداد وأبو بردة إلى عبدالله بن أبي أوفى فقالا: سله هل كان أصحاب النبي ﷺ في عهد النبي ﷺ يسلفون في الحنطة ؟ فقال عبدالله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في كيل معلوم إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده ؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك. ثم بعثاني إلى عبدالرحمن بن أبزى فسألته فقال: كان أصحاب النبي ﷺ يسلفون على عهد النبي ﷺ ولم نسألهم ألهم حرث أم لا ؟ وشرط أبو حنيفة وجود المسلم فيه من حين العقد إلى حين الأجل، مخافة أن يطلب المسلم فيه فلا يوجد فيكون ذلك غررا، وخالفه سائر الفقهاء وقالوا: المراعى وجوده عند الأجل. وشرط الكوفيون والثوري أن يذكر موضع القبض فيما له حمل ومؤونة وقالوا: السلم فاسد إذا لم يذكر موضع القبض. وقال الأوزاعي: هو مكروه. وعندنا لو سكتوا عنه لم يفسد العقد، ويتعين موضع القبض، وبه قال أحمد وإسحاق وطائفة من أهل الحديث، لحديث ابن عباس فإنه ليس فيه ذكر المكان الذي يقبض فيه السلم، ولو كان من شروطه لبينه النبي ﷺ كما بين الكيل والوزن والأجل، ومثله ابن أبي أوفى.


الصفحة التالية
Icon