أسمعه يقول: لا خذابة لا خذابة. أخرجه من حديث ابن عمرو. الخلابة: الخديعة، ومنه قولهم: "إذا لم تغلب فاخلب".
الثامنة عشرة: - اختلف العلماء فيمن يخدع في البيوع لقلة خبرته وضعف عقله فهل يحجر عليه أولا فقال بالحجر عليه أحمد وإسحاق. وقال آخرون: لا يحجر عليه. والقولان في المذهب، والصحيح الأول، لهذه الآية، ولقوله في الحديث: " يا نبي الله احجر على فلان ". وإنما ترك الحجر عليه لقوله: "يا نبي الله إني لا أصبر عن البيع". فأباح له البيع وجعله خاصا به، لأن من يخدع في البيوع ينبغي أن يحجر عليه لا سيما إذا كان ذلك لخبل عقله. ومما يدل على الخصوصية ما رواه محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن عمرو وكان رجلا قد أصابته آفة في رأسه فكسرت لسانه ونازعته عقله، وكان لا يدع التجارة ولا يزال يغبن، فأتى رسول الله ﷺ فذكر ذلك له، فقال: " إذا بعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث ليال فإن رضيت فأمسك وإن سخطت فارددها على صاحبها ". وقد كان عمَّر عمرا طويلا، عاش ثلاثين ومائة سنة، وكان في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه حين فشا الناس وكثروا، يبتاع البيع في السوق ويرجع به إلى أهله وقد غبن غبنا قبيحا، فيلومونه ويقولون له تبتاع ؟ فيقول: أنا بالخيار، إن رضيت أخذت وإن سخطت رددت، قد كان رسول الله ﷺ جعلني بالخيار ثلاثا. فيرد السلعة على صاحبها من الغد وبعد الغد، فيقول: والله لا أقبلها، قد أخذت سلعتي وأعطيتني دراهم، قال فيقول: إن رسول الله ﷺ قد جعلني بالخيار ثلاثا. فكان يمر الرجل من أصحاب رسول الله ﷺ فيقول للتاجر: ويحك ! إنه قد صدق، إن رسول الله ﷺ قد كان جعله بالخيار ثلاثا. أخرجه الدارقطني. وذكره أبو عمر في الاستيعاب وقال: ذكره البخاري في التاريخ عن عياش بن الوليد عن عبدالأعلى عن ابن إسحاق.


الصفحة التالية
Icon