وأبو حنيفة وأصحابه شهادتهم، لقوله تعالى :﴿مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ وقوله: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ﴾ وقوله: ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] وهذه الصفات ليست في الصبي.
التاسعة والعشرون: - ما جعل الله سبحانه شهادة امرأتين بدل شهادة رجل وجب أن يكون حكمهما حكمه، فكما له أن يحلف مع الشاهد عندنا، وعند الشافعي كذلك، يجب أن يحلف مع شهادة امرأتين بمطلق هذه العوضية. وخالف في هذا أبو حنيفة وأصحابه فلم يروا اليمين مع الشاهد وقالوا: إن الله سبحانه قسم الشهادة وعددها، ولم يذكر الشاهد واليمين، فلا يجوز القضاء به لأنه يكون قسما زائدا على ما قسمه الله، وهذه زيادة على النص، وذلك نسخ. وممن قال بهذا القول الثوري والأوزاعي وعطاء والحكم بن عتيبة وطائفة. قال بعضهم: الحكم باليمين مع الشاهد منسوخ بالقرآن. وزعم عطاء أن أول من قضى به عبدالملك بن مروان، وقال: الحكم: القضاء باليمين والشاهد بدعة، وأول من حكم به معاوية. وهذا كله غلط وظن لا يغني من الحق شيئا، وليس من نفى وجهل كمن أثبت وعلم وليس في قول الله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ الآية، ما يرد به قضاء رسول الله ﷺ في اليمين مع الشاهد ولا أنه لا يتوصل إلى الحقوق ولا تستحق إلا بما ذكر فيها لا غير، فإن ذلك يبطل بنكول المطلوب ويمين الطالب، فإن ذلك يستحق به المال إجماعا وليس في كتاب الله تعالى، وهذا قاطع في الرد عليهم. قال مالك: فمن الحجة على من قال ذلك القول أن يقال له: أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل مالا أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه ؟ فإن حلف بطل ذلك الحق عنه، وإن نكل عن اليمين حلف صاحب الحق، أن حقه لحق، وثبت حقه على صاحبه. فهذا مما لا اختلاف فيه عند أحد من الناس ولا ببلد من البلدان، فبأي شيء أخذ هذا وفي أي كتاب الله وجده؟ فمن أقر فليقر باليمين مع الشاهد. قال علماؤنا: ثم العجب مع شهرة الأحاديث وصحتها بدعوا من عمل بها حتى نقضوا حكمه واستقصروا رأيه، مع أنه قد عمل بذلك الخلفاء الأربعة وأبي بن كعب ومعاوية وشريح وعمر بن عبدالعزيز - وكتب به إلى عماله –