وجد كاتبا. وذهب الشعبي والحسن إلى أن ذلك على الندب والإرشاد لا على الحتم. ويحكى أن هذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وزعم ابن العربي أن هذا قول الكافة، قال: وهو الصحيح. ولم يحك عن أحد ممن قال بالوجوب إلا الضحاك. قال وقد باع النبي ﷺ وكتب. قال: ونسخة كتابه: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى منه عبدا - أو أمة - لا داء ولا غائلة ولا خبثة بيع المسلم المسلم". وقد باع ولم يشهد، واشترى ورهن درعه عند يهودي ولم يشهد. ولو كان الإشهاد أمرا واجبا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة.
قلت: قد ذكرنا الوجوب عن غير الضحاك. وحديث العداء هذا أخرجه الدارقطني وأبو داود. وكان إسلامه بعد الفتح وحنين، وهو القائل: قاتلنا رسول الله ﷺ يوم حنين فلم يظهرنا الله ولم ينصرنا، ثم أسلم فحسن إسلامه. ذكره أبو عمر، وذكر حديثه هذا، وقال في آخره: قال الأصمعي: سألت سعيد بن أبي عروبة عن الغائلة فقال: الإباق والسرقة والزنا، وسألته عن الخبثة فقال: بيع أهل عهد المسلمين. وقال الإمام أبو محمد بن عطية: والوجوب في ذلك قلق، أما في الدقائق فصعب شاق، وأما ما كثر فربما يقصد التاجر الاستئلاف بترك الإشهاد، وقد يكون عادة في بعض البلاد، وقد يستحيي من العالم والرجل الكبير الموقر فلا يشهد عليه، فيدخل ذلك كله في الائتمان ويبقى الأمر بالإشهاد ندبا، لما فيه من المصلحة في الأغلب ما لم يقع عذر يمنع منه كما ذكرنا. وحكى المهدوي والنحاس ومكي عن قوم أنهم قالوا: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ منسوخ بقوله: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [البقرة: ٢٨٣] وأسنده النحاس عن أبي سعيد الخدري، وأنه تلا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ ﴾ إلى قوله: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]. قال: نسخت هذه الآية ما قبلها. قال النحاس: وهذا قول الحسن والحكم وعبدالرحمن بن زيد. قال الطبري: وهذا لا معنى له، لأن هذا حكم غير