لكل نازلة كاتب، فقيل للجماعة: ولم تجدوا كتابا. وحكى المهدوي عن أبي العالية أنه قرأ "كُتُبا" وهذا جمع كتاب من حيث النوازل مختلفة. وأما قراءة أبي وابن عباس "كتّابا" فقال النحاس ومكي: هو جمع كاتب كقائم وقيام. مكي: المعنى وإن عدمت الدواة والقلم والصحيفة. ونفي وجود الكاتب يكون بعدم أي آلة اتفق، ونفي الكاتب أيضا يقتضي نفي الكتاب، فالقراءتان حسنتان إلا من جهة خط المصحف.
الرابعة :- قوله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ وقرأ أبو عمرو وابن كثير "فرهن" بضم الراء والهاء، وروي عنهما تخفيف الهاء. وقال الطبري: تأول قوم أن "رهنا" بضم الراء والهاء جمع رهان، فهو جمع جمع، وحكاه الزجاج عن الفراء. وقال المهدوي: "فرهان" ابتداء والخبر محذوف. والمعنى فرهان مقبوضة يكفي من ذلك. قال النحاس: وقرأ عاصم بن أبي النجود "فرهن" بإسكان الهاء، ويروى عن أهل مكة. والباب في هذا "رهان"، كما يقال: بغل وبغال، وكبش وكباش، ورُهُن سبيله أن يكون جمع رهان، مثل كتاب وكتب. وقيل: هو جمع رهن، مثل سقف وسقف، وحلق وحلق، وفرش وفرش، ونشر ونشر، وشبهه. "ورهن" بإسكان الهاء سبيله أن تكون الضمة حذفت لثقلها. وقيل: هو جمع رهن، مثل سهم حشر أي دقيق، وسهام حشر. والأول أولى، لأن الأول ليس بنعت وهذا نعت. وقال أبو علي الفارسي: وتكسير "رهن" على أقل العدد لم أعلمه جاء، فلو جاء كان قياسه أفْعُلا ككلب وأكلب، وكأنهم استغنوا بالقليل عن الكثير، كما استغنى ببناء الكثير عن بناء القليل في قولهم: ثلاثة شسوع، وقد استغنى ببناء القليل عن الكثير في رسن وأرسان، فرهن يجمع على بناءين وهما فُعُل وفِعَال. الأخفش: فَعْل على فُعُل قبيح وهو قليل شاذ، قال: وقد يكون "رهن" جمعا للرهان، كأنه يجمع رهن على رهان، ثم يجمع رهان على رُهُن، مثل فراش وفرش.


الصفحة التالية
Icon