ربنا، وما كان مثله. وقرأ سعيد بن جبير ويحيى بن يعمر وأبو زرعة بن عمرو بن جرير ويعقوب "لا يفرق" بالياء، وهذا على لفظ كل. قال هارون: وهي في حرف ابن مسعود "لا يفرقون". وقال "بين أحد" على الإفراد ولم يقل آحاد، لأن الأحد يتناول الواحد والجميع، كما قال تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧] فـ "حاجزين" صفة لأحد، لأن معناه الجمع. وقال صلى الله عليه وسلم: "ما أحلت الغنائم لأحد سود الرؤوس غيركم" وقال رؤبة:
إذا أمور الناس دينت دينكا | لا يرهبون أحدا من دونكا |
الثالثة: - قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ فيه حذف، أي سمعنا سماع قابلين. وقيل: سمع بمعنى قبل، كما يقال: سمع الله لمن حمده فلا يكون فيه حذف. وعلى الجملة فهذا القول يقتضي المدح لقائله. والطاعة قبول الأمر. وقوله ﴿غُفْرَانَكَ﴾ مصدر كالكفران والخسران، والعامل فيه فعل مقدر، تقديره: اغفر غفرانك، قاله الزجاج. وغيره: نطلب أو أسأل غفرانك. ﴿وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ إقرار بالبعث والوقوف بين يدي الله تعالى. وروي أن النبي ﷺ لما نزلت عليه هذه الآية قال له جبريل: "إن الله قد أحل الثناء عليك وعلى أمتك فسل تعطه" فسأل إلى آخر السورة.
الرابعة: - قوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ التكليف هو الأمر بما يشق عليه وتكلفت الأمر تجشمته، حكاه الجوهري. والوسع: الطاقة والجدة. وهذا خبر جزم. نص الله تعالى على أنه لا يكلف العباد من وقت نزول الآية عبادة من أعمال القلب أو الجوارح إلا وهي في وسع المكلف وفي مقتضى إدراكه وبنيته، وبهذا انكشفت الكربة عن المسلمين في تأولهم أمر الخواطر. وفي معنى هذه الآية ما حكاه أبو هريرة رضي الله عنه قال: ما وددت أن أحدا ولدتني أمه إلا جعفر بن أبي طالب، فإني تبعته يوما وأنا جائع فلما بلغ