لأنه حافظ ومانع، ولم يرد في الكتاب وورد في السنة؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان قيد الفتك". ومنه قول الهذلي:
فليس كعهد الدار يا أم مالك | ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل |
قالت هلم إلى الحديث فقلت لا | يأبى عليك الله والإسلام |
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
الثانية: إذا ثبت هذا فقد اختلف العلماء في تأويل هذه الآية؛ فقال ابن عباس وأبو قلابة وابن زيد ومكحول والزهري وأبو سعيد الخدري: المراد بالمحصنات هنا المسبيات ذوات الأزواج خاصة، أي هن محرمات إلا ما ملكت اليمين بالسبي من أرض الحرب، فإن تلك حلال للذي تقع في سهمه وإن كان لها زوج. وهو قول الشافعي في أن السباء يقطع العصمة؛ وقال ابن وهب وابن عبدالحكم ورياه عن مالك، وقال به أشهب. يدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا العدو فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا؛ فكان ناس من أصحاب النبي ﷺ تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله عز وجل [في ذلك] ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾. أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن. وهذا نص صحيح صريح في أن الآية نزلت بسبب تحرج أصحاب النبي ﷺ عن وطء المسبيات ذوات الأزواج؛ فأنزل الله تعالى في جوابهم ﴿ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. واختلفوا في استبرائها بماذا يكون؛ فقال