الحادية وعشرين: قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أي الصبر على العزبة خير من نكاح الأمة، لأنه يفضي إلى إرقاق الولد، والغض من النفس والصبر على مكارم الأخلاق أولى من البذالة. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: أيما حر تزوج بأمة فقد أرق نصفه. يعني يصير ولده رقيقا؛ فالصبر عن ذلك أفضل لكيلا يرق الولد. وقال سعيد بن جبير: ما نكاح الأمة من الزنى إلا قريب، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾، أي عن نكاح الإماء. وفي سنن ابن ماجة عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر". ورواه أبو إسحاق الثعلبي من حديث يونس بن مرداس، وكان خادما لأنس، وزاد: فقال أبو هريرة سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الحراير صلاح البيت والإماء هلاك البيت - أو قال - فساد البيت".
٢٦- ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
أي ليبين لكم أمر دينكم ومصالح أمركم، وما يحل لكم وما يحرم عليكم. وذلك يدل على امتناع خلو واقعة عن حكم الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ على ما يأتي. وقال بعد هذا: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ فجاء هذا "بأن" والأول باللام. فقال الفراء: العرب تعاقب بين لام كي وأن؛ فتأتي باللام التي على معنى "كي" في موضع "أن" في أردت وأمرت؛ فيقولون: أردت أن تفعل، وأردت تفعل؛ لأنهما يطلبان المستقبل. ولا يجوز ظننت لتفعل؛ لأنك تقول ظننت أن قد قمت. وفي التنزيل ﴿وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ ﴿وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾. ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ﴾. قال الشاعر: