الرابعة: قوله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج. وفي مسند أبي داود الطيالسي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" قال: وتلا هذه الآية ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ إلى آخر الآية. وقال ﷺ لعمر: "ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته " أخرجه أبو داود. وفي مصحف ابن مسعود "فالصوالح قوانت حوافظ". وهذا بناء يختص بالمؤنث. قال ابن جني: والتكسير أشبه لفظا بالمعنى؛ إذ هو يعطي الكثرة وهي المقصود ههنا. و"ما" في قوله: ﴿بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ مصدرية، أي بحفظ الله لهن. ويصح أن تكون بمعنى الزي، ويكون العائد في "حفظ" ضمير نصب. وفي قراءة أبي جعفر "بما حفظ الله" بالنصب. قال النحاس: الرفع أبين؛ أي حافظات لمغيب أزواجهن بحفظ الله ومعونته وتسديده. وقيل: بما حفظهن الله في مهورهن وعشرتهن. وقيل: بما استحفظهن الله إياه من أداء الأمانات إلى أزواجهن. ومعنى قراءة النصب: بحفظهن الله؛ أي بحفظهن أمره أو دينه. وقيل في التقدير: بما حفظن الله، ثم وحد الفعل؛ كما قيل:
فإن الحوادث أودى بها
وقيل: المعنى بحفظ الله؛ مثل حفظت الله.
الخامسة: قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ اللاتي جمع التي وقد تقدم. قال ابن عباس: تخافون بمعنى تعلمون وتتيقنون. وقيل هو على بابه. والنشوز العصيان؛ مأخوذ من النشز، وهو ما ارتفع من الأرض. يقال: نشز الرجل ينشز وينشز إذا كان قاعدا فنهض قائما؛ ومنه قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾ أي ارتفعوا وانهضوا إلى حرب أو أمر من أمور الله تعالى. فالمعنى: أي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب