الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن". وقال: هذا حديث حسن صحيح. فقوله: "بفاحشة مبينة" يريد لا يدخلن من يكرهه أزواجهن ولا يغضبنهم. وليس المراد بذلك الزنى؛ فإن ذلك محرم ويلزم عليه الحد. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "أضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح". قال عطاء: قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال بالسواك ونحوه. وروي أن عمر رضي الله عنه ضرب امرأته فعذل في ذلك فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا يسأل الرجل فيم ضرب أهله".
التاسعة: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ﴾ أي تركوا النشوز. ﴿فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ أي لا تجنوا عليهن بقول أو فعل. وهذا نهي عن ظلمهن بعد تقرير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن. وقيل: المعنى لا تكلفوهن الحب لكم فإنه ليس إليهن.
العاشرة: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً﴾ إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب؛ أي إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله؛ فيده بالقدرة فوق كل يد. فلا يستعلي أحد على امرأته فالله بالمرصاد فلذلك حسن الاتصاف، هنا بالعلو والكبر.
الحادية عشرة: وإذا ثبت هذا فاعلم. أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود العظام؛ فساوى معصيتهن بأزواجهن بمعصية الكبائر، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النساء. قال المهلب: إنما جوز ضرب النساء من أجل امتناعهن على أزواجهن


الصفحة التالية
Icon