والسلوى والحجر والغمام. وقيل: كثرة الأنبياء فيهم، والآيات التي جاءتهم. وقيل: قلوبا سليمة من الغل والغش. وقيل: إحلال الغنائم والانتفاع بها.
قلت: وهذا القول مردود؛ فإن الغنائم لم تحل لأحد إلا لهذه الأمة على ما ثبت في الصحيح؛ وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وهذه المقالة من موسى توطئة لنفوسهم حتى تعزز وتأخذ الأمر بدخول أرض الجبارين بقوة، وتنقذ في ذلك نفوذ من أعزه الله ورفع من شأنه. ومعنى ﴿ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ أي عالمي زمانكم؛ عن الحسن. وقال ابن جبير وأبو مالك: الخطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله. وتظاهرت الأخبار أن دمشق قاعدة الجبارين. و ﴿ الْمُقَدَّسَةَ ﴾ معناه المطهرة. مجاهد: المباركة؛ والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه. قتادة: هي الشام. مجاهد: الطور وما حوله. ابن عباس والسدي وابن زيد: هي أريحاء. قال الزجاج: دمشق وفلسطين وبعض: الأردن. وقول قتادة يجمع هذا كله. ﴿ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ أي فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم. ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا: لا علم لنا بتلك الديار؛ فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة، وهم ذوو أجسام هائلة؛ حتى قيل: إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم بين يده وقال: إن هؤلاء يريدون قتالنا؛ فقال لهم الملك: ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا؛ على ما تقدم. وقيل: إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل: حمله رجل واحد، وقيل: حمله النقباء الاثنا عشر.
قلت: وهذا أشبه؛ فإنه يقال: إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم، ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشية، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة.


الصفحة التالية
Icon