أجله لم يتقبل قربانك، ويروى هذا القول عن مجاهد. والوجه الآخر: أن تبوء بإثم قتلي وإثم اعتدائك علي؛ لأنه قد يأثم بالاعتداء وإن لم يقتل. والوجه الثالث: أنه لو بسط يده إليه أثم؛ فرأى أنه إذا أمسك عن ذلك فإثمه يرجع على صاحبه. فصار هذا مثل قولك: المال به وبين زيد؛ أي المال بينهما، فالمعنى أن تبوء بإثمنا. وأصل باء رجع إلى المباءة، وهي المنزل. ﴿ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ أي رجعوا. وقد مضى في ﴿البقرة﴾ مستوفى. وقال الشاعر:

ألا تنتهي عنا ملوك وتبقي محارمنا لا يبؤ الدم بالدم
أي لا يرجع الدم بالدم في القود. ﴿ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ دليل على أنهم كانوا في ذلك الوقت مكلفين قد لحقهم الوعد والوعيد. وقد استدل بقول هابيل لأخيه قابيل: ﴿ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ على أنه كان كافرا؛ لأن لفظ أصحاب النار إنما ورد في الكفار حيث وقع في القرآن. وهذا مردود هنا بما ذكرناه عن أهل العلم في تأويل الآية. ومعنى ﴿ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ مدة كونك فيها. والله أعلم.
٣٠- ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾
فيه أربع مسائل:
الأولى- قوله تعالى: ﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ ﴾. أي سولت وسهلت نفسه عليه الأمر وشجعته وصورت له أن قتل أخيه طوع سهل له يقال: طاع الشيء أي سهل وانقاد. وطوعه فلان له أي سهله. قال الهروي: طوعت وأطاعت واحد؛ يقال: طاع له كذا إذا أتاه طوعا. وقيل: طاوعته نفسه في قتل أخيه؛ فنزع الخافض فانتصب. وروي أنه


الصفحة التالية
Icon