﴿يَبْحَثُ﴾ معناه يفتش التراب بمنقاره ويثيره. ومن هذا سميت سورة ﴿بَرَاءَةٌ﴾ البحوث؛ لأنها فتشت عن المنافقين؛ ومن ذلك قول الشاعر:

إن الناس غطوني تغطيت عنهم وإن بحثوني كان فيهم مباحث
وفي المثل: لا تكن كالباحث على الشفرة؛ قال الشاعر:
فكانت كعنز السوء قامت برجلها إلى مدية مدفونة تستثيرها
الثانية- بعث الله الغراب حكمة؛ ليرى ابن آدم كيفية المواراة، وهو معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾، فصار فعل الغراب في المواراة سنة باقية في الخلق، فرضا على جميع الناس على الكفاية، من فعله منهم سقط فرضه. عن الباقين. وأخص الناس به الأقربون الذين يلونه، ثم الجيرة، ثم سائر المسلمين. وأما الكفار فقد روى أبو داود عن على قال: قلت للنبي ﷺ إن عمك الشيخ الضال قد مات؛ قال: "أذهب فوار أباك التراب ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني" فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي.
الثالثة- ويستحب في القبر سعته وإحسانه؛ لما رواه ابن ماجة عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احفروا وأوسعوا وأحسنوا" وروي عن الأدرع السلمي قال: جئت ليلة أحرس النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا رجل قراءته عالية، فخرج النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله: هذا مراء؛ قال: فمات بالمدينة ففرغوا من جهازه فحملوا نعشه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارفقوا به رفق الله به إنه كان يحب الله ورسوله". قال: وحضر حفرته فقال: "أوسعوا له وسع الله عليه" فقال بعض أصحابه: يا رسول الله لقد حزنت عليه؟ فقال: "أجل إنه كان يحب الله ورسوله" ؛ أخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب. عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي سعيد.


الصفحة التالية
Icon