القعقاع أبو جعفر: ﴿مِنْ أجْلِ ذَلِكَ﴾ بكسر النون وحذف الهمزة وهي لغة، والأصل ﴿مِنْ إجْلِ ذَلِكَ﴾ فألقيت كسرة الهمزة على النون وحذفت الهمزة. ثم قيل: يجوز أن يكون قوله: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ﴾ متعلقا بقوله: ﴿مِنَ النَّادِمِينَ﴾، فالوقف على قوله: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ﴾. ويجوز أن يكون متعلقا بما بعده وهو ﴿كَتَبْنَا﴾. فـ ﴿مِنْ أَجْلِ﴾ ابتداء كلام والتمام ﴿مِنَ النَّادِمِينَ﴾ ؛ وعلى هذا أكثر الناس؛ أي من سبب هذه النازلة كتبنا. وخص بني إسرائيل بالذكر وقد تقدمته أمم قبلهم كان قتل النفس فيهم محظورا - لأنهم أول أمة نزل الوعيد عليهم في قتل الأنفس مكتوبا، وكان قبل ذلك قولا مطلقا؛ فغلظ الأمر على بني إسرائيل بالكتاب بحسب طغيانهم وسفكهم الدماء. ومعنى ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ أي بغير أن يقتل نفسا فيستحق القتل. وقد حرم الله القتل في جميع الشرائع إلا بثلاث خصال: كفر بعد إيمان، أو زني بعد إحصان، أو قتل نفس ظلما وتعديا. ﴿أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ﴾ أي شرك، وقيل: قطع طريق.
وقرأ الحسن: ﴿أَوْ فَسَاداً﴾ بالنصب على تقدير حذف فعل يدل عليه أول الكلام تقديره؛ أو أحدث فسادا؛ والدليل عليه قوله: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ لأنه من أعظم الفساد.
وقرأ العامة: ﴿أَوْ فَسَادٍ﴾ بالجر على معنى أو بغير فساد. ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾ اضطرب لفظ المفسرين في ترتيب هذا التشبيه لأجل أن عقاب من قتل الناس جميعا أكثر من عقاب من قتل واحدا؛ فروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه بأن شد عضده ونصره فكأنما أحيا الناس جميعا. وعنه أيضا أنه قال: المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا، ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها واستحياها خوفا من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا. وعنه أيضا. المعنى فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول، ومن أحياها واستنقذها من هلكة فكأنما أحيا الناس جميعا عند المستنقذ. وقال مجاهد: المعنى أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدا جعل الله جزاءه


الصفحة التالية
Icon