فيه خمسة عشرة مسائل:
الأولى- اختلف الناس في سبب نزول هذه الآية؛ فالذي عليه الجمهور أنها نزلت في العرنيين؛ روى الأئمة واللفظ لأبي داود عن أنس بن مالك: أن قوما من عكل - أو قال من عرينة - قدموا على رسول الله ﷺ فاجتووا المدينة؛ فأمر لهم رسول الله ﷺ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا النعم؛ فبلغ النبي ﷺ خبرهم من أول النهار فأرسل في آثارهم؛ فلما ارتفع النهار حتى جيء بهم؛ فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. قال أبو قلابة: فهؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله. وفي رواية: فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم؛ وفي رواية: فبعث رسول الله ﷺ في طلبهم قافة فأتي به قال: فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾ الآية. وفي رواية قال أنس: فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا حتى ماتوا. وفي البخاري قال جرير بن عبدالله في حديثه: فبعثني رسول الله ﷺ في نفر من المسلمين حتى أدركناهم وقد أشرفوا على بلادهم، فجئنا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال جرير: فكانوا يقولون الماء، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿النَّارَ﴾. وقد حكى أهل التواريخ والسير: أنهم قطعوا يدي الراعي ورجليه، وغرزوا الشوك في عينيه حتى مات، وأدخل المدينة ميتا. وكان اسمه يسار وكان نوبيا. وكان هذا الفعل من المرتدين سنة ست من الهجرة. وفي بعض الروايات عن أنس: أن رسول الله ﷺ أحرقهم بالنار


الصفحة التالية
Icon