الحادية عشرة- وجمع أهل العلم على أن السلطان ولي من حارب؛ فإن قتل محارب أخا امرئ أو أباه في حال المحاربة، فليس إلى طالب الدم من أمر المحارب شيء، ولا يجوز عفو ولي الدم، والقائم بذلك الإمام؛ جعلوا ذلك بمنزلة حد من حدود الله تعالى.
قلت: فهذه جملة من أحكام المحاربين جمعنا غررها، واجتلبنا دررها؛ ومن أغرب ما قيل في تفسيرها وهي:
الثانية عشرة- وتفسير مجاهد لها؛ المراد بالمحاربة في هذه الآية الزنى والسرقة؛ وليس بصحيح؛ فإن الله سبحانه بين في كتابه وعلى لسان نبيه أن السارق تقطع يده، وأن الزاني يجلد ويغرب إن كان بكرا، ويرجم إن كان ثيبا محصنا. وأحكام المحارب في هذه الآية مخالف لذلك، اللهم إلا أن يريد إخافة الطريق بإظهار السلاح قصدا للغلبة على الفروج، فهذا أفحش المحاربة، وأقبح من أخذ الأموال وقد دخل في معنى قوله تعالى: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾.
الثالثة عشرة- قال علماؤنا: ويناشد اللص بالله تعالى، فإن كف ترك وإن أبى قوتل، فإن أنت قتلته فشر قتيل ودمه هدر. روى النسائي عن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله أرأيت إن عدي على مالي؟ قال: "فانشد بالله" قال: فإن أبوا علي. قال: "فانشد بالله" قال: فإن أبوا علي قال: "فانشد بالله" قال: فإن أبوا علي قال: "فقاتل فإن قتلت ففي الجنة وإن قتلت ففي النار" وأخرجه البخاري ومسلم - وليس فيه ذكر المناشدة - عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك" قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "فقاتله" قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد" قال: فإن قتلته؟ قال: "هو في النار". قال ابن المنذر: وروينا عن جماعة من أهل العلم أنهم رأوا قتال اللصوص ودفعهم عن أنفسهم وأموالهم؛ هذا مذهب ابن عمر والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والنعمان، وبهذا يقول عوام أهل العلم: إن


الصفحة التالية
Icon